- Strategy
- Generic
من المهم ان يكون لدى مؤسستك الأدوات الكافية والعمليات اللازمة لمراقبة وتحليل بيئة الأعمال الداخلية والخارجية للتأكد من استمرار صلاحية الخطة الإستراتيجية وملائمتها للوصول الى الوِجهة الاستراتيجية وتحقيق الرؤية. ويجب على الادارة التنفيذية تحليل البيئة التنافسية المتغيرة باستمرار في كل دورة من دورات تنفيذ الإستراتيجية والتدخل فوراً لتعويض انخفاض الأداء او تصحيح الانحراف عن مسار تنفيذ الاستراتيجية. في هذا المقال نستعرض أهم ثمانية محركات تنبه المؤسسة لضرورة إعادة النظر في استراتيجيتها الحالية.
١. المنصة المشتعلة
يستخدم مصطلح "المنصة المشتعلة" للتعبير عن الحاجة الماسة الى التغيير الجذري والفوري بسبب الظروف الداخلية الصعبة التي تمر بها المنظمة مثل الضائقة المالية او الخسارة الكبيرة في قاعدة العملاء او الانخفاض الملحوظ في الحصة السوقية او ارتفاع معدل دوران الموظفين وما الى ذلك. ويرجع استخدام هذا المصطلح الى حادثة المنصة النفطية "بايبر ألفا" في أواخر الثمانينات والتي راح ضحيتها طاقم المنصة الا عدد قليل من الفنيين الذين استطاعوا القفز في بحر الشمال شديد البرودة لإنقاذ أنفسهم من الحريق. ومنذ ذلك الحين أصبح هذا المصطلح يستخدم في عالم الأعمال لوصف الحاجة الملحة الى التغيير ومساعدة أفراد المنظمة على رؤية العواقب الوخيمة إذا استمرت الشركة في تبني حالة الثبات والجمود في ظل البيئة متسارعة التغيير.
٢. القيادات الجديدة
يعتبر تعيين قيادة جديدة للمنظمة احدى المحركات لتغيير الاستراتيجية خاصة إذا كانت هذه القيادة من خارج المنظمة. فعندما ينضم رئيس تنفيذي جديد الى الإدارة العليا للشركة، فإنه عادة يأتي برؤى جديدة واستراتيجيات مختلفة، وقد تتطلب هذه الاستراتيجيات بناء قدرات ومهارات جديدة واستخدام تكتيكات مختلفة بطرق تسمح للشركة بالمنافسة بشكل أفضل في نطاق الصناعة التي تعمل بها.
وعادة ما يكون للقادة الجدد مناهج مختلفة لصياغة الاتجاه الاستراتيجي للمنظمة لتحقيق نفس الرسالة او نفس المهام الرئيسية. عندئذ يبدأ القادة الجدد في مراجعة شاملة للاستراتيجية الحالية وتحليلها مما يؤدي غالباً إلى تغيير كلى او جزئي في الاستراتيجية. ومن المحتمل أن تقوم الشركة بإعادة هيكلة أجزاء من العمل أو إضافة منتجات/خدمات جديدة بهدف تحقيق نتائج الأعمال بشكل أفضل.
٣. الاندماج والاستحواذ
تسعى المؤسسات على اختلاف أنواعها الى عمليات الاندماج والاستحواذ كخيارات إستراتيجية للنمو غير العضوي بهدف التوسـع فـي عملياتهـا التشغيلية او الاستفادة من مزايا الحجم الكبير او تحقيق التنوع في الاستثمار او النفاذ الى أسواق جديدة او غير ذلك من الاهداف. الا ان الدراسات الحديثة اثبتت ان أكثر من نصف هذه الاندماجات لا تحقق الفوائد المرجوة بشكل فعال بسبب عدم وضوح استراتيجية ملائمة للشراكة الجديدة وسوء التعامل مع إدارة التغيير. ولهذا فإن عمليات الاندماج والاستحواذ تعتبر محرك رئيسي لتبني استراتيجيات جديدة من اجل خلق تآزر إيجابي وتقليل مخاطر الاندماج.
وينبغي ان تتضمن الاستراتيجية الجديدة إطلاق برامج تحويلية خاصة بأهداف الاندماج والاستحواذ السابق ذكرها، وكذلك برامج أخرى عامة لإدارة التغيير تشمل خطة التكامل وإشراك الموظفين والتركيز على العملاء الى جانب معالجة مخاطر الاندماج مثل اختلاف ثقافة المنظمتين ونقص التواصل ومقاومة الموظفين للتغيير.
٤. المشهد التنافسي
لا يمكن التحكم في العوامل الخارجية مثل المحيط التنافسي لبيئة الاعمال ولكن لا يعني ذلك ان تكون الشركة بمعزل عن هذه المتغيرات فهي تحصل على مدخلاتها من هذه البيئة وتقدم المخرجات إليها. لذلك يجب مراقبة القوى التنافسية بعناية والتكيف معها برشاقة، اذ ان تحرك المنافسين بالدخول او الخروج من السوق او إضافة منتجات/خدمات جديدة طول الوقت يؤثر على الوضع التنافسي لشركتك بالسلب او الايجاب.
وفي حالات خاصة مع شدة الوضع التنافسي قد تصبح الاستراتيجية الحالية غير ملائمة لهذه المتغيرات وعندئذ يجب إقامـة دفاعـات ضـد القـوى التنافسـية بهدف ديمومـة الميـزة التنافسـية لشركتك والبقاء في صدارة المنافسة. وقد تشمل الاستراتيجية الجديدة إستراتيجية التكلفة المنخفضة او إستراتيجية التمايز عن طريق الانفراد ببعض الخصائص للمنتج/الخدمة لتصـبح الشركة مـن خلالهـا المشـبع الوحيـد لحاجـات العملاء او إستراتيجية التركيز على سوق معين او مجموعـة معينة من المستهلكين/المستفيدين. المهم هو التأكد دائما أن المنظمات المنافسة في مجال عملك لا تبدأ في تجاوزك إلى النقطة التي لن تتمكن من اللحاق بها.
٥. متطلبات العملاء
أصبح لدى العملاء المزيد من المعلومات والخيارات أكثر من أي وقت مضى وأصبحت طرق اجتذابهم والاحتفاظ بهم أكثر تعقيداً. فلم يعد تقديم منتجات او خدمات ذات قيمة ولا حتى الترويج لها كافيا لضمان استمرار الولاء لعلامتك التجارية. يتطلب الامر بناء علاقة مستمرة مع العملاء عن طريق التحول من المفهوم القديم لخدمة العملاء إلى تجربة العميل الشاملة.
لذلك يجب قياس وفاء العملاء بصفة دورية وتوقع احتياجاتهم ومخاوفهم ورغباتهم المتنامية وتلبيتها، كما يجب رصد أي تغيّر في متطلبات العملاء وتبني استراتيجية تساعد على تفهم الاحتياجات الجديدة لعملائك والتعرّف على التحديات التي يواجهونها لتلبية هذه الاحتياجات مرة أخرى. من المهم في بناء الاستراتيجية ان يكون العملاء في طليعة نموذج العمل وان تكون للمنظمة ثقافة ترتكز على العميل. إذا بدأ العملاء في فقدان الاهتمام بمؤسستك او لم تكن لهم الأولوية الأولى فستفقد مؤسستك الإيرادات.
٦. الاضطراب التكنولوجي
يعد التغيّر في التكنولوجيا أحد أهم وأوضح المحركات لتغيير استراتيجية المنظمة. فمع ظهور الانترنت في التسعينات تبنت العديد من المؤسسات المالية ومؤسسات التجزئة قنوات مبيعات جديدة أدت الى خفض التكلفة في منافذ البيع بالتجزئة التقليدية والتي أدت بدورها إلى نمو الإيرادات وتطوير العلاقة مع العملاء عبر الإنترنت.
اما في الوقت الحالي فتكاد لا تخلو صناعة من الاحتياج لدمج التكنولوجيا الرقمية في نماذج اعمالها. وتعتبر الخدمات المالية من أكثر الصناعات عرضة للاضطراب التكنولوجي حيث يتم تحسين وأتمتة تقديم الخدمات المالية من خلال ما يعرف بالتكنولوجيا المالية "فاينتك" عن طريق استخدام خوارزميات متخصصة تستخدم على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية بشكل يتسم بالمرونة والسرعة وقلة التكلفة.
ويؤدي الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي إلى تسريع وتيرة الاضطراب التكنولوجي بشكل عام. ولعل هذا هو السبب في أن التحول الرقمي لا يزال يستخدم على نطاق واسع في المؤسسات حيث يدفع الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة المنظمات لإجراء تحولات استراتيجية لتصبح أكثر اعتمادا على البيانات. لذلك ينبغي على المؤسسات والشركات مراقبة الاضطراب التكنولوجي والتكيف دائما مع اخر موجات التغيير.
٧. الاقتصاد الكلي
يمكن أن يكون التغيّر في الاقتصاد الكلي محركاً رئيسياً لتغيير استراتيجيتك لما يمثله من فرص او تحديات مثل إعادة تقييم العملات الأجنبية او الزيادة الكبيرة في تكلفة المدخلات كأسعار الطاقة او التغير في معدلات النمو والتضخم ومتوسط دخل الفرد او التغير في السياسات المالية والنقدية ومعدلات الضرائب والرسوم الجمركية او الاتفاقيات التجارية الجديدة وقوانين العمل او التغيرات في سوق الأسهم.
كما يمكن أن يكون التغير في البيئة التشريعية عاملا حاسما ايضاً مثل القيود المفروضة على المؤسسة من قبل الجهات القانونية والتشريعية المختلفة او السماح لمنافسة جديدة بدخول السوق الحالية او قطاعات أعمال كانت محظورة سابقا او التغير في القيود المفروضة على التجارة الخارجية. وقد تحتاج الشركة إلى إعادة تنظيم وحدات أعمالها للامتثال للقوانين واللوائح الجديدة او التكيف معا والاستفادة منها.
٨. الاحداث الكبرى
الاحداث الكبرى والأزمات تعتبر من المحفزات الاساسية للقيام باستراتيجية تحويلية. فقد كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر محركا قويا لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي للقيام بتطوير استراتيجية تحويلية غيرت التوجه العام من منظمة مدفوعة بالتحري في الجرائم المرتكبة بالفعل إلى منظمة مدفوعة بالتهديدات لمنع وقوع الهجمات الإرهابية قبل حدوثها. وبالتالي كان لزاماً على مكتب التحقيقات أن يتخلى عن العزلة السابقة ويمارس مشاركة المعلومات والعمل بشكل تعاوني مع الوكالات الأخرى لمنع مثل تلك الحوادث.
ومؤخراً أظهرت تداعيات جائحة كورونا تأثراً بالغا على نطاق استمرارية الاعمال ومركزية سلاسل الامداد وإعادة هيكلة بعض الاعمال. وقد أجبرت تحديات الجائحة المؤسسات على الابداع وظهرت الحاجة الى تبني استراتيجيات تحويلية قائمة على الابتكار واستشراف المستقبل وتعزيز القدرة الرقمية وظهرت نماذج اعمال أكثر مرونة تعتمد على الاستراتيجيات الرشيقة وإدارة المخاطر.